لافتــات مطريــــة لــ أحمد مطــــــــــــر

0


لص بلادي
بالتمادي . . . يصبح اللص بأوربا مديراً للنوادي،
وبأمريكا، زعيماً للعصابات وأوكار الفساد،
وبأوطاني اللتي من شرعها قطع الأيادي،
.يصبح اللص . . . زعيماً  للبلاد

المخبر
عندي كلام رائع لا أستطيع قوله،
أخاف أن يزداد طيني بلة،
لأن أبجديتي،
في رأي حامي عزتي،

لا تحتوي غير حروف العلة ؛
فحيث سرت مخبر يلقي علي ظله،
يلصق بي كالنملة ،
يبحث في حقيبتي ،
يسبح في محبرتي،
يطلع لي في الحلم كل ليلة ،
حتى إذا قبلت يوما طفلتي ،
أشعر أن الدولة
قد وضعت لي مخبرا في القبلة ،
يقيس حجم قبلتي،
يطبع بصمة لها عن شفتي،
يرصد وعي الغفلة ،
حتى إذا ماقلت يوما جملة،
يعلن عن إدانتي، ويطرح الأدلة ،
لا تسخرو مني ، فحتى القبلة
.تعد في أوطاننا حادثة تمس أمن الدولة

أمير المخبرين
تهت عن بيت صديقي، فسألت العابرين ،
قيل لي امش يسارا، سترى خلفك بعض المخبرين ،
حد لدى أولهم ، سوف تلاقي مخبرا يعمل في نصب كمين،
اتجه للمخبر البادي، أمام المخبر الكامن،
واحسب سبعة ، ثم توقف،
تجد البيت وراء المخبر الثامن في أقصى اليمين ؛
سلم الله أمير المخبرين ،
فلقد أتخم بالأمن بلاد المسلمين ،
أيها الناس اطمئنو، هذه أبوابكم محروسة في كل حين ،
.فادخلوها بسلام آمنين

ورثة إبليس
وجوهكم أقنعة بالغة المرونة ،
طلاؤها حصافة، وقعرها رعونة ،
صفق إبليس لها مندهشا، وباعكم فنونه ،
".وقال : " إني راحل، ماعاد لي دور هنا، دوري أنا أنتم ستلعبونه
ودارت الأدوار فوق أوجه قاسية، تعدلها من تحتكم ليونة ،
فكلما نام العدو بينكم رحتم تقرعونه ،
لكنكم تجرون ألف قرعة لمن ينام دونه ،
وغاية الخشونة،
أن تندبو : " قم ياصلاح الدين ، قم " ، حتى اشتكى مرقده من حوله العفونة ،
كم مرة في العام توقظونه ،
كم مرة على جدار الجبن تجلدونه ،
أيطلب الأحياء من أمواتهم معونة ،
دعوا صلاح الدين في ترابه واحترمو سكونه ،
.لأنه لو قام حقا بينكم فسوف تقتلونه

زمن الحمير
المعجزات كلها في بدني ،
حي أنا لكن جلدي كفني ،
أسير حيث أشتهي لكنني أسير ،
نصف دمي بلازما، ونصفه خبير ،
مع الشهيق دائما يدخلني، ويرسل التقرير في الزفير ،
وكل ذنبي أنني آمنت بالشعر، وما آمنت بالشعير ،
.في زمن الحمير

بدعة
بدعة عند ولاة الأمر صارت قاعدة ،
كلهم يشتم أمريكا،
وأمريكا إذا مانهضوا للشتم تبقى قاعدة ،
.فإذا ماقعدوا، تنهض أمريكا لتبني قاعدة

قلة أدب
قرأت في القرآن : " تبت يدا أبي لهب " ،
: فأعلنت وسائل الإذعان
" إن السكوت من ذهب "
أحببت فقري، لم أزل أتلو : "وتب " ،
" ما أغنى عنه ماله وما كسب "
فصودرت حنجرتي بجرم قلة الأدب ،
.وصودر القرآن، لأنه حرضني على الشغب

عقوبات شرعية
بتر الوالي لساني
عندما غنيت شعري
دون أن أطلب ترخيصا بترديد الأغاني ؛
بتر الوالي يدي
لما رآني في كتاباتي أرسلت أغانيّ إلى كل مكان ؛
وضع الوالي على رجلي قيدا
إذ رآني بين كل الناس أمشي دون كفي ولساني،
صامتا أشكو هواني ؛
أمر الوالي بإعدامي عندما لم أصفق عندا مرّ ،
ولم أهتف ،
.ولم أبرح مكاني

الأضحية
حين ولدت، ألفيت على مهدي قيدا ،
ختموه بوشم الحرية ،
وعبارات تفسيرية ،
" ياعبد العزى كن عبدا "
وكبرت ولم يكبر قيدي ،
وهرمت ولم أترك مهدي ،
لكن لما تدعو المسؤولية ،
يطلب داعي الموت الردا ،
فأكون لوحدي الأضحية ،
ردو الإنسان لأعماقي، وخذو من أعماقي القردا ،
أعطوني ذاتي كي أفني ذاتي ،
ردو لي بعض الشخصية ،
كيف تفور النار بصدري وأنا أشكو البردا ،
كيف سيومض برق الثأر بروحي مادمتم تخشون الرعدا ،
كيف أغني وأنا مشنوق أتدلى من تحت حبالي الصوتية ،
كي أفهم معنى الحرية ،
وأموت فداء الحرية ،
.أعطوني بعض الحرية

عصر العصر والسحق
أكاد لشدة القهر ،
أظن القهر في أوطانـنا يشكو من القهر ،
ولي عذري ،
فإني أتقي خيري لكي أنجو من الشر ،
فأخفي وجه إيماني بأقنعة من الكفر ،
لأن الكفر في أوطانـنا لايورث الإعدام كالفكر،
فأنكر خالق الناس ،
ليأمن خانق الناس ،
ولا يرتاب في أمري ،
وأحيي ميت إحساسي بأقداح من الخمر ،
فألعن كل دساس ، ووسواس، وخناس،
ولا أخشى على نحري من النحر ،
لأن الذنب مغتفر وأنت بحالة السكر ،
ومن حذري ،
أمارس دائما حرية التعبير في سري ،
وأخشى أن يبوح السر بالسر ،
أشك بحر أنفاسي ،
فلا أدنيه من ثغري ،
أشك بصمت كراسي ،
أشك بنقطة الحبر ،
وكل مساحة بيضاء بين السطر والسطر ،
ولست أعد مجنونا بعصر السحق والعصر ،
إذا أصبحت في يوم أشك بأنني غيري ،
وأني هارب مني ،
وأني أقتفي أثري ولاأدري ؛
إذا ماعدت الأعمار بانعمى وباليسر ،
فعمري ليس من عمري ،
لأني شاعر حر ،
وفي أوطاننا يمتد عمر الشاعر الحر ،
إلى أقصاه : بين الرحم والقبر ،
.على بيت من الشعر

سفارة
يريدون مني بلوغ الحضارة ،
وكل الدروب إليها سدى ،
والخطى مستعارة ،
فما بيننا ألف باب وباب ،
عليها كلاب الكلاب ،
تشم الظنون، وتسمع صمت الإشارة ،
وتقطع وقت الفراغ بقطع الرقاب ،
فكيف سأمضي لقصدي وهم يطلقون الكلاب ،
على كل درب وهم يربطون الحجارة ؛
يريدون مني بلوغ الحضارة ،
وما زلت أجهل دربي لبيتي ،
وأعطي عظيم اعتباري لأدني عبارة ،
لأن لساني حصاني كما علموني ،
وأن حصاني شديد الإثارة ،
وأن الإثارة ليست شطارة ،
وأن الشطارة في ربط رأسي بصمتي ،
وربط حصاني على باب تلك السفارة ،
.وتلك السفارة

لا سياسة
وضعوا فوق فمي كلب حراسة ،
وبنوا للكبرياء في دمي سوق نخاسة ،
وعلى صحوة عقلي أمروا التخدير أن يسكب كأسة ،
ثم لما صحت: "قد أغرقني فيض النجاسة " ،
قيل لي : " لا تتدخل في السياسة " ؛
تدرج الدبابة الكسلى على رأسي إلى باب الرئاسة ،
وبتوقيعي بأوطان الجواري ،
يعقد البائع والشاري مواثيق النخاسة ،
وعلى أوتار جوعي ، يعزف الشبعان ألحان الحماسة ،
بدمي ترسم لوحات شقائي ،
فأنا الفن وأهل الفن ساسة ،
فلماذا أنا عبد، والسياسيون أصحاب قداسة ؟
قيل لي : " لا تتدخل في السياسة " ؛
شيدوا المبنى وقالوا أبعدوا عنه أساسة ،
أيها السادة عفوا، كيف لا يهتز جسم عندما يفقد رأسه ؟

حي على الجماد
حي على الجهاد ؛
كنا وكانت خيمة تدور في المزاد،
تدور ثم إنها تدور ثم إنها يبتاعها الكساد ؛
حي على الجهاد ؛
تفكيرنا مؤمم وصوتنا مباد ،
مرصوصة صفوفنا كلا على انفراد ،
مشرعة نوافذ الفساد ،
مقـفـلة مخازن العتاد ،
والوضع في صالحنا والخير في ازدياد ؛
حي على الجهاد ؛
رمادنا من تحته رماد ،
أموالنا سنابل مودعة في مصرف الجراد ،
ونفطنا يجري على الحياد ،
والوضع في صالحنا فجاهدوا ياأيها العباد ،
رمادنا من تحته رماد ،
من تحته رماد ،
من تحته رماد ،
.حي على الجماد

بيت وعشرون راية
أسرتنا بالغة الكرم ،
تحت ثراها غنم حلوبة، وفوقه غنم ،
تأكل من أثدائها وتشرب الألم ،
لكي تفوز بالرضى من عمنا صنم ،
أسرتنا فريدة القيم ،
وجودها عدم ،
جحورها قمم ،
لاآتها نعم ،
والكل فيها سادة لكنهم خدم ،
أسرنا مؤمنة تطيل من ركوعها، تطيل من سجودها ،
وتطلب النصر على عدوها من هيئة الأمم ،
أسرتنا واحدة تجمعها أصالة، ولهجة، ودم ،
وبيتنا عشرون غرفة به ، لكن كل غرفة من فوقها علم ،
يقول إن دخلت في غرفتنا فأنت متهم ،
.أسرتنا كبيرة ، وليس من عافية أن يكبر الورم

حجة سخيفة
بيني وبين قاتلي حكاية طريفة ،
فقبل أن يطعنني حلفني بالكعبة الشريفة ،
أن أطعن السيف أنا بجثتي، فهو عجوز طاعن وكفه ضعيفة ،
حلفني أن أحبس الدماء عن ثيابه النظيفة ،
فهو عجوز مؤمن سوف يصلي بعدما يفرغ من تأدية الوظيفة،
شكوته لحضرة الخليفة ،
.فرد شكواي لأن حجتي سخيفة

اللغز
: قالت أمي مرة
يا أولادي عندي لغز من منكم يكشف لي سرة ،"
تابوت قشرته حلوى،
ساكنه خشب والقشرة" ،
قالت أختي: " التمرة " ،
حضنتها أمي ضاحكة لكني خـنـقـتـني العبرة ،
."قلت لها : " بل تلك بلادي

ثورة الطين
وضعوني في إناء ،
ثم قالو لي تأقلم ،
وأنا لست بماء ،
أنا من طين السماء ،
أنا من روح السماء ،
وإذا ضاق إنائي بنموي يتحطم ،
خيروني بين موت وبقاء ،
بين أن أرقص فوق الحبل، أو أرقص تحت الحبل ،
فاخترت البقاء : قلت أعدم ،
قلت أعدم ،
فاخنقو بالحبل صوت البـبـغاء ،
.وأمدوني بصمت أبدي يتكلم

التهمة
كنت أسير مفردا أحمل أفكاري معي ،
ومنطقي ومسمعي ،
فازدحمت من حولي الوجوه ،
قال لهم زعيمهم خذوه ،
سألتهم ماتهمتي ؟
."فقيل لي: " تجمع مشبوه

حلم
وقفت مابين يدي مفسر الأحلام ،
قلت له : "ياسيدي رأيت في المنام ،
أني أعيش كالبشر ،
وأن من حولي بشر ،
وأن صوتي بفمي، وفي يدي الطعام ،
وأنني أمشي ولا يتبع من خلفي أثر "،
فصاح بي مرتعدا : "ياولدي حرام ،
لقد هزئت بالقدر ،
ياولدي ، نم عندما تنام" ؛
وقبل أن أتركه تسللت من أذني أصابع النظام ،
.واهتز رأسي وانفجر

زنزانة
صدري أنا زنزانة قضبانها ضلوعي ،
يدهمها المخبر بالهلوع،
يقيس فيها نسبة النقاء في الهواء ،
ونسبة الحمرة في دمائي ،
وبعدما يرى الدخان ساكنا في رئتي، والدم في قلبي كالدموع،
يلومني لأنني مبذر في نعمة الخضوع ،
شكرا طويل العمر إذ أطلت عمر جوعي ،
لو لم تمت كل كريات دمي الحمراء، من قلة الغذاء،
.لانـتـشـل المخبر شيئا من دمي ثم ادعى بأنني شيوعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق